في إحدى القضايا المنظورة أمام محكمة الأحوال الشخصية، واجهت أسرة أجنبية تقيم في السعودية صعوبات كبيرة في توزيع تركة أحد أفرادها بعد وفاته، بسبب تعقيدات متعلقة بجنسية الورثة واختلاف الأديان.
ومن هنا تظهر أهمية فهم التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية، والتي أصبحت أكثر تنظيمًا ووضوحًا بعد صدور نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد لعام 1445هـ، حيث وضّح النظام الحقوق والموانع وآليات توزيع التركات بمرجعية شرعية ونظامية متكاملة.
لدعم قانوني متخصص في التركات، تواصل مع محامي الصفوة عبر واتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية
ينظم نظام الأحوال الشخصية السعودي التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية، وفق ضوابط شرعية صارمة تراعي أصول الشريعة الإسلامية، وتحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والانضباط القضائي.
ولكي يُستحق الإرث في السعودية، سواء من مواطن أو أجنبي، يجب تحقق ثلاثة شروط أساسية نصت عليها المادة 199 من النظام، وهي:
- تحقق وفاة المورث، سواءً كانت الوفاة حقيقية أو بموجب حكم قضائي.
- بقاء الوريث على قيد الحياة بعد وفاة المورث، ولو لفترة وجيزة.
- وجود سبب للإرث وانتفاء الموانع الشرعية، مثل اختلاف الدين أو القتل أو الجهالة بالنسب.
وبناءً على ذلك، فإن وجود المانع يُسقط حق الأجنبي في الميراث حتى وإن توافرت الصلة الشرعية أو النسبية، ومن أبرز الموانع التي تمنع الأجنبي من الإرث في السعودية ما يلي:
- اختلاف الدين: لا توارث بين مسلم وغير مسلم، وهذا ما نصت عليه المادة 202 من نظام الأحوال الشخصية.
- القتل: من قتل مورّثه عمدًا أو شبه عمد، يُمنع من الإرث مطلقًا، ويُستثنى القتل الخطأ حسب المادة 200.
- الجهالة بالنسب أو قيام حجب شرعي: كأن يكون الوريث غير مُعترف به شرعًا أو محجوبًا بوارث أقرب منه درجة.
أما بالنسبة لحالات الزواج بين السعودي والأجنبي، فإن النظام لا يمنع الإرث بين الزوجين متى كانت العلاقة الزوجية موثقة شرعًا ونظامًا، ولم يوجد مانع من الموانع الشرعية، سواء أكان الزوج أو الزوجة من غير السعوديين.
وكما أجاز النظام الوصية لغير المسلم، وهو ما يمثل مرونة تشريعية في حالات التركات المشتركة، حيث نصّت المادة 178 على أن:
الوصية تصح لغير المسلم، بشرط ألا تتجاوز الثلث من إجمالي التركة، ما لم يجز الورثة الزيادة على ذلك. وتعد الوصية أحد الأدوات المهمة التي تلجأ لها العائلات المختلطة دينيًا أو جنسيًا، لتنظيم ما لا يغطيه الإرث الشرعي.
وعليه فإن هذه الضوابط تضمن حماية الحقوق المالية للورثة من مختلف الجنسيات، دون الإخلال بثوابت الشريعة التي تمثل الأساس المرجعي لنظام الأحوال الشخصية في المملكة.
عقوبة عدم توزيع الميراث في السعودية
يُعد الامتناع عن توزيع التركة أو تعطيل تقسيمها بين الورثة عملاً مخالفًا لأحكام نظام الأحوال الشخصية السعودي وأحكام نظام التركات.
وهو ما يُعد في الوقت ذاته مخالفة شرعية تستوجب التدخل القضائي. فالتركة مال موقوف على حقوق الغير، وأي تصرف يخل بتوزيعها على مستحقيها يُعد تعديًا على تلك الحقوق.
وتترتب على ذلك المخالفة عدة آثار قانونية، أبرزها:
- تدخل المحكمة المختصة بناء على طلب أحد الورثة: ويحق لكل وارث أن يتقدم بدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية يطلب فيها القسمة الجبرية أو إلزام باقي الورثة أو أحدهم بالكشف عن التركة أو توزيعها وفقًا لما تقرره الأنظمة، مستندًا إلى مواد الإرث في نظام الأحوال الشخصية وخاصة المادة 197.
- إلزام الممتنع بالتعويض عن الضرر المالي أو المعنوي: إذا تسبب التأخير أو الامتناع عن توزيع التركة في ضرر لأحد الورثة مثل تعطيل حصوله على نصيبه أو خسارة فرصة مالية – فيحق له المطالبة بالتعويض القضائي بموجب قواعد المسؤولية المدنية والتعدي على الحقوق الثابتة.
- تطبيق العقوبات المرتبطة بالتستر أو إخفاء المعلومات: يُعد التستر على ممتلكات أو مستندات التركة أو إخفاءها فعلاً يندرج ضمن التحايل والتلاعب المالي، وقد يُحال المتسبب إلى محكمة التنفيذ لإجباره على الإفصاح الكامل وتقديم الوثائق، وقد يُعاقب بالحجز التنفيذي أو المنع من السفر أو الحبس التنفيذي إذا استدعى الأمر.
- تسريع الإجراءات من خلال الأنظمة الرقمية: وفرت وزارة العدل السعودية منصة التركة الإلكترونية عبر بوابة ناجز، والتي تُتيح للورثة تقديم طلبات توزيع التركة إلكترونيًا، بما في ذلك:
- طلب حصر الورثة.
- طلب إفصاح عن الحسابات والأصول.
- طلب تعيين مصفٍ للتركة في حال وجود نزاع.
- متابعة تنفيذ أحكام قسمة التركة إلكترونيًا.
لائحة مواريث حسب نظام الأحوال الشخصية السعودي
ينص نظام الأحوال الشخصية في السعودية على قواعد تفصيلية لتوزيع الإرث بين الورثة، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وجاءت أبرز الفروض كما يلي:
- يرث الزوج نصف التركة إذا لم يكن لزوجته فرع وارث (أي أولاد أو أبناء أبناء)، فإن وُجد فرع وارث، فيكون نصيبه الربع، وذلك وفق المادة 209. أما الزوجة، فإن كانت منفردة، ترث الربع في حال عدم وجود فرع وارث، وتنخفض حصتها إلى الثمن عند وجوده، حسب المادة 210.
- أما الأب، فيرث السدس فرضًا في حال وجود فرع وارث ذكر، وقد يجمع بين الفرض والتعصيب بحسب نوعية الورثة وفقاً للمادة 211، بينما الأم ترث السدس إذا كان هناك فرع وارث أو جمع من الإخوة، وفي غير ذلك ترث الثلث حسب المادة 213.
- يرث الابن الباقي بعد الفروض بالتعصيب، وله ضعف نصيب الأنثى كما جاء في القاعدة الشرعية (للذكر مثل حظ الأنثيين) حسب المادة 205. أما البنت، فترث النصف إذا كانت منفردة، والثلثين إن كن أكثر من واحدة ولم يكن للمتوفى ابن ذكر حسب مابينت المادة 215. أما بنت الابن فترث النصف في غياب البنت، أو تُكمل نصيبها معها حسب الأحوال المنصوص عليها في المادة 216.
- الإخوة لأم يرثون السدس إذا كانوا منفردين، أو الثلث مشتركين إذا كانوا اثنين فأكثر حسب المادة 220. أما الأخت الشقيقة أو الأخت لأب، فترث النصف إن كانت واحدة، أو الثلثين إذا كن أكثر، وقد تعصب مع غيرها أو بالغير حسب شروط معينة حسب ماورد في المواد 217–218.
- وفي حال غياب أصحاب الفروض والعصبة، يُورث ذوو الأرحام، وهم الأقارب من غير أصحاب الفروض ولا العصبات، وفق المادة 234.
وللمزيد من الدقة في توزيع الأنصبة وما يخص التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية، يُفضل استخدام حاسبة المواريث الرسمية الصادرة عن وزارة العدل السعودية، التي تُتيح حسابًا فوريًا دقيقًا يتماشى مع النظام المعتمد.
دور المحامي في قضايا إرث الأجانب في السعودية
في قضايا الميراث التي يكون أحد أطرافها من غير السعوديين، تتعاظم أهمية وجود محامٍ مختص، ليس فقط لفهم الأنظمة الشرعية المعمول بها، بل لتجاوز التحديات الإجرائية التي قد تعيق استيفاء الحقوق، خاصة عند وجود ورثة مقيمين في الخارج أو يحملون جنسية مختلفة عن المتوفى.
ومن أبرز المهام النظامية التي يضطلع بها المحامي في هذه القضايا:
- يتولى المحامي التأكد من أهلية كل وارث وفقًا للشريعة والنظام، بما يشمل:
- عدم وجود مانع شرعي (كالاختلاف في الدين أو القتل العمد).
- التحقق من صحة النسب والقرابة.
- رفع الدعاوى وتقديم الطلبات إلكترونيًا أو حضوريًا يشمل ذلك:
- تقديم طلبات حصر الورثة وقسمة التركة أمام محكمة الأحوال الشخصية.
- تقديم طلبات التصفية، الوصية، أو تعيين مصفٍ للتركة، عبر منصة ناجز أو مباشرة لدى المحكمة.
- تنظيم الوكالات الشرعية للورثة خارج السعودية كثيرًا ما يكون بعض الورثة مقيمين خارج المملكة، ويقوم المحامي حينها بـ:
- إعداد الصيغ النظامية للوكالات.
- التحقق من صحة التوثيق عبر القنوات الدبلوماسية أو العدلية.
- تمثيل الورثة أمام المحكمة في حال القسمة الجبرية إذا تعذر الاتفاق بين الورثة، يلجأ المحامي إلى القسمة القضائية، ويقوم بتمثيل موكله في جميع مراحلها، بما في ذلك تعيين الخبراء وإعداد قائمة موجودات التركة.
- الاعتراض على القرارات المخالفة أمام محكمة الاستئناف في حال صدور حكم يخل بحق أحد الورثة الأجانب أو يخالف أحكام الشريعة.
الأسئلة الشائعة حول مقالنا التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية
ختاماً فإن تنظّم التشريعات المتعلقة بالإرث للأجانب في السعودية بدقة عبر نظام الأحوال الشخصية، وتخضع لأحكام الشريعة الإسلامية التي تضمن العدالة ومنع التعدي على الحقوق، مع تسهيلات رقمية عبر منصة التركة وحاسبة المواريث. ولضمان صحة الإجراءات وسلامة القسمة، فإن الاستعانة بمحامٍ مختص أمر لا غنى عنه.
فإن كنت طرفًا في تركة بها ورثة أجانب أو تقيم خارج المملكة، تواصل مع محامي مكتب الصفوة للمحاماة عبر زر الواتساب أسفل الشاشة، أو من خلال صفحة اتصل بنا.
أبحث عن دعوى حصر ورثة وأيضاً تقسيم الميراث وقد ترغب في استشارة محامي متخصص قضايا الميراث وتعرف صيغة دعوى مطالبة بالميراث في السعودية وكيفية رفع الدعوى.
المصادر:
- نظام الأحوال الشخصية السعودي.

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.