عندما تواجه شركة في السعودية أزمة مالية تؤدي إلى إفلاسها، تكون حقوق الدائنين من أكثر الجوانب حساسية وتعقيدًا. كثيرًا ما يجد الدائنون أنفسهم في طوابير المطالبات أو يواجهون صعوبة في تحصيل حقوقهم بسبب الإجراءات النظامية أو تزاحم المطالبات.
وفي هذا المقال، سنستعرض بشكل مبسط: ما هي حقوق الدائنين عند إفلاس الشركات في السعودية، وما هي الأطر النظامية التي تحميهم في السعودية، والتحديات العملية التي تواجههم أثناء الإفلاس، و دور المحامي في حماية هذه الحقوق قانونيًا.
جدول المحتويات
حقوق الدائنين عند إفلاس الشركات في السعودية
عند إعلان إفلاس شركة في المملكة العربية السعودية، يبرز تساؤل جوهري لدى الدائنين: ما هي حقوقهم النظامية، وهل تكفل الأنظمة استيفاء مطالباتهم؟
لقد أجاب نظام الإفلاس السعودي بشكل واضح على هذه التساؤلات، وضمن للدائنين عدة حقوق رئيسية، من أبرزها:
- تسجيل المطالبة المالية رسميًا في جدول المطالبات المعتمد من المحكمة المختصة.
- أولوية الاستيفاء بحسب تصنيف الدين:
- الديون الممتازة (مثل أجور العاملين).
- الديون المضمونة (برهن أو ضمان).
- الديون العادية (بلا ضمانات).
- الحق في الاطلاع والاعتراض على خطة التنظيم المالي أو خطة التصفية المقترحة.
- المشاركة في التصويت على خطة التسوية أو إعادة التنظيم.
- حماية الضمانات العينية مثل الرهون، وعدم المساس بها إلا بموجب النظام.
وتُشترط وثائق قانونية لإثبات الدين، كالسندات التنفيذية، العقود، الفواتير أو الأحكام النهائية. وكما تنص المادة 5 من نظام الإفلاس على هذه الحقوق بشكل صريح.
وبذلك، فإن النظام يمنح الدائنين إطارًا واضحًا وعادلًا لاسترداد حقوقهم، مع ضمان الترتيب المنصف للمطالبات.
الأطر القانونية لحماية حقوق الدائنين في النظام السعودي
لكي تضمن حقوق الدائنين في حالات الإفلاس، وفّر المشرّع السعودي منظومة قانونية متكاملة تتوزع بين عدة أنظمة تُنظّم العلاقة بين المدين والدائن، وتُحدد آليات المطالبة وضمانات السداد. من أبرز هذه الأطر النظامية:
نظام الإفلاس
ينظّم هذا النظام سبعة إجراءات مختلفة للإفلاس، تُناسب كل من الشركات والدائنين حسب حالة التعثر، ومنها:
- التسوية الوقائية (قبل التوقف عن الدفع).
- التنظيم المالي (لإعادة هيكلة الديون).
- التصفية الإدارية أو القضائية (في حال فقدان القدرة على الاستمرار).
ويكفل للدائنين عدة أدوات حماية، أبرزها:
- التحصين من التصرفات الضارة بأصول الشركة أثناء فترة الريبة حسب المادة 97 من النظام.
- الاستيفاء وفق ترتيب نظامي دقيق حسب تصنيف الديون لما نصت عليه المادة 196 من النظام.
- الاعتراض على قرارات أمين الإفلاس أو المحكمة ضمن مدد محددة وفق المادة 113 من النظام.
يُنظّم هذا النظام العلاقات بين الشركاء والدائنين، ويمنح الدائنين حق ملاحقة الشركاء في حالات معينة، خاصة في شركات الأشخاص:
- التنفيذ على أرباح الشريك المدين حسب المادة 33 من النظام.
- التنفيذ على حصصه أو أسهمه في الشركة وفق المادة 34 من النظام.
- تحميل الشركاء المتضامنين المسؤولية الشخصية في شركات التضامن أو التوصية.
نظام الضمانات على الأموال المنقولة
يُعطي هذا النظام أفضلية قانونية للدائنين الذين سجلوا حقوقهم المالية في السجل الموحد للضمانات، ويمنحهم أولوية على غيرهم في استيفاء ديونهم من الأموال المرهونة.
وبذلك، فإن الأطر النظامية السعودية تضع قواعد دقيقة ومتكاملة تحمي حقوق الدائنين، وتمنحهم أدوات قانونية قوية لتحصيل ديونهم، سواء قبل أو أثناء أو بعد إجراءات الإفلاس.
التحديات التي يواجهها الدائنون أثناء عمليات الإفلاس
رغم أن النظام السعودي قدّم بنية قانونية متماسكة لحماية حقوق الدائنين عند إفلاس الشركات في السعودية، إلا أن التطبيق العملي يضعهم أمام مجموعة من التحديات التي قد تُعطّل أو تُقلل من فرص استيفاء حقوقهم، ومنها:
- تزاحم المطالبات من عدد كبير من الدائنين، ما يؤدي إلى تقاسم الأصول المتاحة.
- قلة الأصول القابلة للتوزيع بعد خصم المصاريف الإدارية والديون الممتازة.
- تعقيد الإجراءات النظامية، خصوصًا في مراحل إعداد الجدول، الاعتراض، أو التصويت.
- صعوبة إثبات الديون غير الموثقة أو القديمة، مما يضعف موقف الدائن أمام المحكمة.
- تعرّض بعض المطالبات للتأخير أو التهميش بسبب أخطاء في ترتيب الأولويات أو تدخلات إدارية.
هذه التحديات تستدعي وعيًا قانونيًا مبكرًا، وتعاونًا فعالًا مع محامٍ مختص في قضايا الإفلاس لضمان تمثيل سليم وتحصيل فعّال للحقوق.
دور المحامي في حماية حقوق الدائنين
في ظل تعقيد إجراءات الإفلاس وتنوع المراحل القانونية المرتبطة بها، يصبح وجود محامٍ مختص في نظام الإفلاس والتقاضي التجاري ضرورة وليس خيارًا.
فالدائن الذي يعتمد على تمثيل قانوني محترف يمتلك فرصة أكبر في إثبات حقه واستيفائه ضمن الإطار النظامي الصحيح.
ويقوم المحامي المتخصص بعدة مهام محورية، منها:
- تقديم الطلبات النظامية لإثبات الدين ضمن جدول المطالبات المعتمد.
- الاعتراض على قرارات أمين الإفلاس، خاصة في حال عدم قبول الدين أو إضعاف مرتبته.
- التمثيل أمام ماهو ضمن اختصاص المحكمة التجارية في السعودية ومتابعة كافة الإجراءات القضائية المرتبطة بالدعوى.
- طلب الحجز الاحتياطي أو التنفيذي على أصول الشركة عند توافر المبررات النظامية.
- التأكد من أولوية الدين حسب التصنيف (مضمون – ممتاز – عادي) لضمان أولوية السداد.
وبذلك، لا تقتصر أهمية المحامي على تقديم المشورة، بل تمتد إلى حفظ حقوق الدائن قانونيًا وتفادي خسارة المطالبة بسبب خلل في الإجراء أو نقص في الإثبات.
الأسئلة الشائعة حول حقوق الدائنين عند إفلاس الشركات في السعودية
وفي ختام مقالنا بعنوان حقوق الدائنين عند إفلاس الشركات في السعودية.
تناولنا فيه أبرز الحقوق النظامية التي يتمتع بها الدائن، والأطر القانونية التي تحميه، مثل نظام الإفلاس ونظام الشركات، إضافة إلى التحديات التي قد تعترض طريقه، والدور المهم الذي يؤديه المحامي المختص في تحصيل الحقوق وتقديم التمثيل القانوني المتكامل.
للتواصل مع محامي خبير في قضايا الإفلاس اتصل بنا الآن عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
مواضيع تهمك: دليلك الشامل لمعرفة القوانين الجديدة لإفلاس الشركات، وأيضاً كيفية التعامل مع إفلاس الشركات، وكذلك ما الذي يحدث عند إعلان الشركة إفلاسها.
المصادر:
- نظام الأفلاس السعودي.
- نظام الشركات السعودي.

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.