تقدمت شركة مقاولات متوسطة بطلب تسوية وقائية بعد تعثرها المالي، ونجحت في فتح الإجراء وفق نظام الإفلاس السعودي الجديد، ما أتاح لها إعادة ترتيب ديونها بإشراف المحكمة، دون اللجوء للتصفية.
تعكس هذه الحالة كيف لم يعد الإفلاس نهاية حتمية، بل أصبح ضمن منظومة مرنة تشمل التسوية الوقائية، وإعادة التنظيم المالي، والتصفية، بهدف إنقاذ الشركات وتمكينها من التعافي.
في هذا المقال، نعرض كيفية التعامل مع إفلاس الشركات في السعودية، وآليات الاستفادة من التسوية الوقائية، مدعّمين بالأمثلة والأنظمة الحديثة.
للتواصل مع أفضل محامي قضايا شركات بجدة، استخدم زر الواتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
كيفية التعامل مع إفلاس الشركات في السعودية
يُعد نظام الإفلاس السعودي الجديد نقلة نوعية في معالجة تعثر الشركات، حيث لم يعد الإفلاس نهاية النشاط التجاري، بل أتاح النظام أدوات قانونية تهدف إلى حماية المنشآت المتعثرة وتنظيم مطالبات الدائنين بطرق توازن بين مصلحة الطرفين.
فقد مكّن النظام الشركات من الاستفادة من إجراءات بديلة تُطبّق بإشراف المحكمة، تمنحها فرصة لإعادة الهيكلة أو الخروج المنظّم من السوق دون إضرار بالأطراف المعنية.
ومن أبرز إجراءات التعامل مع تعثر الشركات في النظام الجديد:
- التسوية الوقائية: تمنح المدين فرصة التفاوض مع الدائنين قبل وقوع الإفلاس فعليًا.
- إعادة التنظيم المالي: تُستخدم لمعالجة الوضع المالي تحت إشراف أمين وموافقة المحكمة، وغالبًا ما تُطبّق على الشركات التي لا تزال تملك مقومات الاستمرار.
- إجراء التصفية: يُلجأ إليه حين يتعذر إصلاح وضع الشركة، ويهدف إلى بيع الأصول وتوزيع العوائد على الدائنين بحسب الأولوية النظامية.
- إجراء التصفية الإدارية: خاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الديون البسيطة، ويُدار من قبل لجنة الإفلاس مباشرة دون المرور بالمحكمة.
يُظهر النظام السعودي الجديد مرونة وتدرجًا في كيفية التعامل مع إفلاس الشركات في السعودية، ويمنح الشركات فرصًا حقيقية للتعافي أو الخروج الآمن، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحمي الاقتصاد الوطني من آثار الانهيار المفاجئ للمنشآت.
الآثار القانونية لافتتاح إجراء الإفلاس على المدين والدائنين في النظام السعودي
يفرض افتتاح إجراء الإفلاس الرسمي بموجب نظام الإفلاس السعودي آثارًا قانونية مباشرة على الشركة المدينة، ودائنيها، وسير العمليات المالية والقانونية المتعلقة بها.
وتُعد هذه الآثار ضرورية لتنظيم العلاقة بين الأطراف، والحفاظ على ما تبقّى من أصول المدين، ومنع النزاعات الفردية، وتمكين الحلول الجماعية المتفق عليها تحت رقابة المحكمة.
ومن أبرز آثار الإفلاس على الشركة والمدينين والدائنين:
- تجميد المطالبات والدعاوى القائمة: بموجب المادة 16، نظام الإفلاس، تُعلّق جميع الدعاوى والإجراءات التنفيذية ضد المدين بمجرد افتتاح الإجراء، مما يمنع الدائنين من اتخاذ إجراءات فردية ويضمن العدالة في التوزيع.
- تعليق صلاحيات الإدارة تختلف درجة تعليق الصلاحيات حسب نوع الإجراء: فقد تحتفظ الإدارة ببعض المهام في التسوية الوقائية، بينما تُنزع الصلاحيات كليًا في التصفية ويحلّ محلها الأمين أو المصفي.
- إعادة ترتيب الديون: يُعدّ جدول الديون أداة رئيسية، حيث يُعاد ترتيب الديون بناءً على خطة يقترحها المدين ويوافق عليها غالبية الدائنين، ما يسهم في جدولة المستحقات بطريقة ممكنة التنفيذ.
- إمكانية بيع الأصول أو إعادة الهيكلة: يُمكن خلال إجراءات الإفلاس بيع بعض أصول الشركة أو إبرام اتفاقيات لإعادة الهيكلة بهدف تحسين التدفقات النقدية وضمان استمرار النشاط إذا أمكن.
- تحوّل الإجراء إلى التصفية عند الفشل: في حال فشل خطة التسوية أو التنظيم المالي، يتم تحويل الإجراء إلى التصفية النظامية، والتي تؤدي إلى بيع جميع أصول الشركة وتسديد الديون حسب أولوياتها النظامية، وغالبًا ما يُشطَب ما يتبقى منها.
وتُظهر آثار الإفلاس كيف أن النظام السعودي لا يهدف إلى معاقبة المدين، بل يسعى إلى تنظيم العلاقة بينه وبين الدائنين ضمن إجراءات شفافة تحمي الحقوق وتمنح فرصًا حقيقية للإنقاذ أو الخروج المنظّم.
دور المحامي في قضايا الافلاس
في ظل تعقيد وتشعب إجراءات الإفلاس في النظام السعودي، يُشكّل دور المحامي المتخصص عنصرًا أساسيًا في حماية حقوق الشركات أو الدائنين خلال مختلف مراحل القضية.
فالإفلاس ليس مجرد مسألة مالية، بل هو مسار قانوني دقيق يتطلب إلمامًا عميقًا بالأنظمة واللوائح، والتعامل مع جهات متعددة كالمحكمة، الأمين، لجنة الإفلاس، والدائنين. ومن دون تمثيل قانوني محكم، قد تتعرض الحقوق النظامية للضياع أو تتفاقم الخسائر.
ومن أبرز مهام المحامي في قضايا الإفلاس:
- تقديم طلب افتتاح الإجراء: يتولى المحامي إعداد الطلب النظامي وتقديمه للمحكمة المختصة، وفق متطلبات (المادة 4، نظام الإفلاس)، سواء كان يمثل المدين أو أحد الدائنين.
- صياغة مقترحات التسوية أو التنظيم المالي: يضطلع المحامي بإعداد الخطط والمقترحات النظامية التي تُعرض على الدائنين، بما يحقق أفضل حماية لمصالح موكله ويزيد من فرص الموافقة عليها.
- التمثيل أمام الجهات القضائية والأمين: يرافع المحامي في جلسات المحكمة، ويشارك في الاجتماعات مع الأمين، ويتابع الالتزامات النظامية وطلبات الدائنين أو الاعتراضات المقدمة.
- تقديم الدفاعات والاعتراضات: سواء للطعن في قرارات التصفية، أو الاعتراض على جدولة الديون، أو الدفاع ضد مطالبات غير مستحقة، يقوم المحامي بصياغة الردود النظامية وتقديمها في المهل المحددة.
- متابعة إجراءات التصفية والتوزيع: في حال الوصول إلى التصفية، يتابع المحامي مراحل بيع الأصول وتوزيع العوائد وفق الأولوية، ويحرص على ألا يُهدَر أي حق موكله في هذه المرحلة.
الاستعانة بمحامٍ مختص في قضايا الإفلاس ليست مجرد خيار، بل ضرورة ملحة لضمان حسن إدارة الملف وحماية الحقوق في بيئة قانونية متغيرة. ويتميّز المحامي المحترف بفهم النظام، والقدرة على التفاوض، وصياغة الحلول العملية في الوقت المناسب.
الأسئلة الشائعة حول كيفية التعامل مع إفلاس الشركات في السعودية
وفي ختام مقالنا وكما تبيّن من استعراضنا، فإن كيفية التعامل مع إفلاس الشركات في السعودية يخضع لإجراءات دقيقة ومرحلية وفق نظام الإفلاس، ويهدف إلى موازنة حقوق الدائنين مع حماية ما تبقى من أصول المدين، من خلال آليات مثل تعليق المطالبات، إعادة هيكلة الديون، التصفية النظامية، وتمكين الحلول الجماعية.
تحدثًا بواقعية، فإن الدخول في إجراءات الإفلاس ليس مجرد قرار مالي بل مسؤولية قانونية تتطلب قراءة دقيقة للأنظمة لذلك، فإن الاستعانة بـ محامي مختص في نظام الإفلاس السعودي ليست فقط خطوة ذكية، بل ضرورية لضمان حماية الحقوق.
وللاستشارة الفورية أو التمثيل القانوني في قضايا الإفلاس، تواصل معنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
مواضيع ذات صلة: ما الذي يحدث عند إعلان الشركة إفلاسها، وكذلك مسؤولية الشركاء في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وأيضاًَ الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى.
المصادر:
- نظام الإفلاس السعودي.

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.