عند التفكير في تأسيس شركة في السعودية، يواجه رواد الأعمال والمستثمرون خيارًا مهمًا: ما نوع الكيان القانوني الأنسب لنشاطهم؟ هل الأفضل تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة لما تتمتع به من مرونة؟ أم شركة مساهمة لما تتيحه من توسّع وجذب استثمارات؟
سنتحدث في هذا المقال عن الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى في السعودية مستندين على نظام الشركات السعودي الجديد، مع توضيح مزايا كل نوع، وحقوق الشركاء في الشركات، وبيان دور المحامي في مساعدتك على اتخاذ القرار الصحيح.
للحصول على استشارة قانونية في اختيار نوع الشركة الأنسب، تواصل معنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى في السعودية
يواجه روّاد الأعمال والمستثمرون في السعودية تحدّيًا مهمًا عند بدء مشروع تجاري، يتمثّل في اختيار الشكل القانوني الأنسب للشركة. ومن أبرز الخيارات النظامية المتاحة هو الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة:
- الشركة ذات المسؤولية المحدودة: تُعد من أكثر الكيانات ملاءمة للمشاريع المتوسطة والعائلية، وتتميّز بمرونة في الإدارة، وسهولة في الإجراءات، وقيود محددة على عدد الشركاء.
- الشركة المساهمة: تُستخدم غالبًا في المشروعات الكبرى أو التي تستهدف النمو السريع، إذ تتيح إمكانية جمع التمويل من الجمهور أو المستثمرين، وتُخضع إدارتها لهيكل حوكمة صارم عبر مجلس إدارة.
ورغم أن كلا النوعين يوفّران حماية محدودة للملاك من المسؤولية، إلا أن الفروق بينهما تتعدى هذا الجانب لتشمل:
- عدد الشركاء أو المساهمين من حيث الحد الأدنى والأقصى.
- شكل الإدارة وطبيعة الرقابة.
- القدرة على جذب التمويل العام أو الخاص.
- إلزامية مراقبة الحسابات والإفصاح المالي.
- درجة التعقيد في الإجراءات القانونية والرقابية.
ومن المهم الإشارة إلى أن اختيار الشكل القانوني لا يؤثر فقط على التأسيس، بل يمتد ليؤثر على مستقبل المشروع، من حيث قابليته للنمو، وإعادة هيكلته، أو حتى تصفيته لاحقًا.
لذا قبل اتخاذ القرار، ينبغي للمستثمر أن يعرف الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى في السعودية، بالاستناد إلى نظام الشركات السعودي، لاختيار الشكل الذي يخدم أهدافه القانونية والتجارية بأفضل صورة.
كيفية اختيار الشكل القانوني الأنسب لشركتك
قد تبدو أنواع الشركات في السعودية متشابهة للوهلة الأولى، ولكن عند التعمّق في نظام الشركات الجديد، نجد أن لكل نوع مزايا وتبِعات قانونية تختلف جوهريًا بحسب طبيعة النشاط وطموحات الشركاء. وهنا تبرز أهمية السؤال الجوهري: كيف تختار الكيان القانوني الصحيح لمشروعك التجاري؟
لتحديد الخيار الأمثل، يجب مراعاة خمسة عوامل رئيسية:
- طبيعة النشاط: إذا كان النشاط تجاريًا بحتًا (تجارة، تصنيع، خدمات)، فإن الشركة ذات المسؤولية المحدودة أو الشركة المساهمة كلاهما خياران مناسبان. أما إذا كان النشاط مهنيًا (محاماة، محاسبة، استشارات هندسية)، فلا يمكن تأسيس شركة إلا وفق نظام الشركات المهنية.
- عدد الشركاء: الشركة المحدودة تناسب من 1 إلى 50 شريكًا كحد أقصى حسب المادة 156 من نظام الشركات، وهي مثالية للمشاريع العائلية أو المتوسطة. أما الشركات التي تتطلب قاعدة أوسع من المستثمرين والمساهمين فالأفضل أن تكون شركة مساهمة سواء مقفلة أو عامة.
- خطط التوسع والتمويل: إذا كنت تنوي توسيع نشاطك لاحقًا أو تسعى لجذب استثمار خارجي، فاحرص على أن يكون الشكل القانوني قابلاً للتحول إلى شركة مساهمة أو يسمح بإدخال شركاء جدد بسهولة. أما إذا كان التوسّع محدودًا ومركّزًا، فقد تكون الشركة المحدودة خيارًا كافيًا من حيث المتطلبات والتكلفة.
- الإدارة والحوكمة: الشركات المحدودة توفر مرونة أكبر في تعيين المديرين وتنظيم القرار، دون تعقيد هيكلي كبير. بالمقابل، الشركات المساهمة تُلزم بتشكيل مجلس إدارة ولجان رقابية، ما يجعلها خيارًا متقدمًا يتطلب كفاءة إدارية عالية.
- نقل الملكية والتخارج: الحصص في الشركة المحدودة لا تُنقل إلا بموافقة الشركاء، ما قد يقيّد حركة التخارج. بينما الأسهم في الشركات المساهمة تُتداول بسهولة، ما يجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين.
اختيار الشكل القانوني المناسب لا يعتمد على رغبة شخصية أو نموذج جاهز، بل على تحليل دقيق لحجم المشروع، عدد الشركاء، مدى الطموح التوسعي، ومستوى التنظيم المطلوب. كثير من النزاعات بين الشركاء تنشأ لاحقًا بسبب اختيار غير مدروس لنوع الشركة، أو بسبب عقد تأسيس لم يُصغ بمهنية.
متى تكون الشركة المساهمة خيارًا أفضل من الشركة ذات المسؤولية المحدودة؟
في سياق اختيار الشكل القانوني الأنسب لتأسيس شركتك، قد يبدو خيار الشركة ذات المسؤولية المحدودة هو الأقرب للبساطة وسهولة الإجراءات، خاصة إذا كنت تبدأ مشروعًا صغيرًا أو متوسطًا.
ومع ذلك، هناك حالات نظامية وتجارية معيّنة يكون فيها تأسيس شركة مساهمة هو الخيار الأكثر فعالية وكفاءة، ليس فقط من حيث المظهر القانوني، بل أيضًا من حيث آفاق النمو والامتثال التنظيمي.
فيما يلي أبرز الحالات التي تبرز فيها أولوية الشركة المساهمة:
- عند الحاجة إلى جمع رأس مال كبير الشركات المساهمة تتيح إصدار أسهم وطرحها للاكتتاب العام أو الخاص، ما يوفر مرونة تمويلية لا تُتاح في الشركات المحدودة.
- في حال التوسع على نطاق إقليمي أو دولي الكيانات الاستثمارية الكبرى، خاصة الأجنبية، تفضل التعامل مع شركات مساهمة بسبب هيكلها الواضح وحوكمتها المعترف بها دوليًا.
- للدخول في مشاريع حكومية استراتيجية بعض العقود الحكومية الكبرى أو المشاريع تحت مظلة رؤية السعودية 2030 قد تشترط التعامل مع شركات مساهمة تمتلك رأس مال وأسلوب إدارة معين.
- عند السعي للإدراج في السوق المالية (تداول) الإدراج في السوق المالية لا يُتاح إلا للشركات المساهمة، وهو ما يُعد أداة فعالة للتوسع وجذب المستثمرين المؤسساتيين.
- لضمان الاستمرارية والحوكمة على المدى الطويل الشركات المساهمة تُدار من مجلس إدارة وتخضع لإفصاح دوري ومراجعة حسابات مستقلة، ما يعزّز استقرارها القانوني والتجاري.
دور المحامي في اختيار وتأسيس نوع الشركة
يمثل اختيار الشكل القانوني للشركة واحدة من أهم القرارات التأسيسية التي لا تحتمل العشوائية أو الاجتهاد الشخصي، نظرًا لتأثيرها المباشر على الالتزامات القانونية والمالية والضريبية.
وهنا تظهر أهمية الدور المحوري الذي يلعبه المحامي المتخصص في قانون الشركات، ليس فقط عند تسجيل الشركة، بل منذ لحظة اتخاذ القرار بشأن نوعها وتكوينها.
يساهم المحامي في توجيه رواد الأعمال والمستثمرين من خلال:
- تحليل النشاط التجاري بدقة يساعد المحامي في تصنيف النشاط وتحديد الشكل النظامي الأنسب له (شركة محدودة، مساهمة، مهنية، تضامنية…)، بما يراعي الأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة.
- صياغة عقد التأسيس والنظام الأساسي يتولى المحامي صياغة العقود واللوائح بدقة قانونية، بما يمنع الثغرات المحتملة ويقلل من فرص النزاع بين الشركاء مستقبلًا.
- مراجعة التزام الشركة بالأنظمة يتأكد من توافق الشركة مع أحكام نظام الشركات السعودي ولائحته التنفيذية، خصوصًا ما يتعلق بالحد الأدنى لرأس المال، توزيع الحصص، صلاحيات الإدارة، وغيرها من الأحكام التنظيمية الدقيقة.
- تنفيذ إجراءات التأسيس الرسمية يمثّل المحامي الشركة أمام الجهات الرسمية كوزارة التجارة وهيئة الزكاة والضريبة، ويشرف على تسجيل الكيان القانوني عبر منصات إلكترونية مثل مراس وناجز، مع التأكد من إصدار السجل التجاري بشكل نظامي.
- تقديم الاستشارات القانونية اللاحقة لا ينتهي دور المحامي بعد التأسيس، بل يستمر في تقديم الدعم القانوني عند زيادة رأس المال، تعديل الحصص، دخول شركاء جدد.
الأسئلة الشائعة حول الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى في السعودية
وفي نهاية هذا المقال الذي استعرضنا فيه الفرق بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات الأخرى في السعودية، بيّنا كيف تؤثر طبيعة النشاط التجاري وحجم المشروع ومستوى المخاطرة في اختيار الشكل القانوني الأنسب. ودور المحامي في اختيار وتأسيس الشركة.
كما شرحنا مزايا وقيود كل نوع من الشركات وفق نظام الشركات السعودي الجديد. لضمان تأسيس شركتك واختيار نوعها بما يتوافق مع أهدافك التجارية والنظام القانوني، تواصل مع محامي مكتب الصفوة للمحاماة عبر صفحة اتصل بنا.
مواضيع ذات صلة: مزايا وعيوب الشركات ذات المسؤولية المحدودة في السعودية، وأعرف شروط تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة في السعودية، قد تحتاج ارقام مستشارين قانونيين في السعودية.
المصادر:
نظام الشركات السعودي.

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.